English Version:Self-defense, not settlements

دفاع عن النفس وليس احتلالاً  

شيلدون شريتر

مجيباً على انتقادات لمقاله الأخير حول المستوطنات الإسرائيلية، يناقش شيلدون شريتر أن مسؤوليات مشروع الاستيطان الاقتصادية والأخلاقية لها وزن أكثر بكثير من أي تبرير أيديولوجي.  "إذا دنّسنا هذه الأرض بسلوك غير أخلاقي، كما حذّر أنبياؤنا، فإنها بالتأكيد سوف تلفظنا إلى الخارج.  ليست قدسيتها متأصلة في جوهرها، وإنما تهبها أعمالنا الأخلاقية".

(مصدر المقال: الجيروساليم بوست Jerusalem Post، 6 شباط/فبراير 2008)

 

القدس – في مقال رأي نشرْتُه في الجيروساليم بوست في كانون الثاني/يناير، ناقشْتُ بأن مستوطناتنا تُضعِفنا بدلاً من أن تقوّينا لأنها تتسبب بتآكل إيماننا وإيمان العالم بعدالة قضيتنا.  هذه القضية هي تأكيد حق الشعب اليهودي بدولة مستقلة في وطنه القديم.

هوجمت آرائي ووجهات نظري في أكثر من مائة إجابة على موقع الصحيفة ورسائل إلى المحرر وبعض الاتصالات الشخصية، رغم أن البعض منها قام بمساندتي وتأييدي.  إسمحوا لي أن أناقش بعض الانتقادات التي وُجّهَت إلى وجهة نظري.

الأمن والعمق الإستراتيجي هما أبرز الاحتجاجات على أي انسحاب من الضفة الغربية.  يعتبر القصف المستمر لسديروت بعد الخروج من غزة الإثبات القاطع على غباء أية محاولة للتسوية مع الفلسطينيين.

يناقش اليمين الإسرائيلي أن البقاء في الضفة الغربية هو بالتالي أكبر السبل أمناً لنا، بل السبيل الوحيد أمامنا.  الوجود الإسرائيلي الكثيف على الأرض، إضافة إلى الجدار الأمني، خفّفا إلى درجة كبيرة من الحوادث الإرهابية، وهذه حقيقة.

ولكن هناك ثلاثة أسئلة: كم من هذه الأمور يعزى إلى المستوطنات؟ في مقابل الفوائد، ما هي التكاليف؟ وهل يمكن تحقيق هذه الفوائد بأي أسلوب آخر؟  بلغة المحاسبة.

ليست المستوطنات موجودات أمنية وإنما مطالبات وديون تستنفد قدراتنا العسكرية.  وهي تشكل مجموعة من الأهداف المدنية السهلة تتطلب موارد عسكرية هائلة لحمايتها، وهي موارد يمكن نشرها بشكل أفضل كثيراً في مكان آخر. نستطيع تحقيق نتائج أفضل في مواجهة الإرهاب بدون هذه المستوطنات.

ثم ما هي كلفة الحفاظ عليها وإدامتها؟ الكلفة الاقتصادية الضخمة، في وقت تتخبط فيه أنظمة التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية بفوضى هائلة، هو موضوع يستحق مقالاً آخر.  دعونا نركز فقط على الكلفة السياسية وتداعياتها.

يعلم اليهود والإسرائيليون أننا لا نستطيع أن نعتمد فقط على النية الحسنة للعالم لحمايتنا، ولكننا لا نستطيع كذلك أن نبقى لفترة طويلة بدونها. تلك هي حقيقة حياتية.  الصراع على الرأي العام خطير إلى أبعد الحدود بالنسبة لنا.  إنه ضرب من ضروب "استعطاف التأييد" من غير اليهود، كما يتظاهر بعض الوطنيين الذين فقدوا المنطق بيننا.  بل إن الأمر يتعلق بالفوز الذي يجب أن نحققه في عالم يزداد اعتماداً متبادلاً أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية.

إستراتيجية أعدائنا، والتي اتبعوها بذكاء متزايد منذ عام 1967، هي عرض إسرائيل بصورة دولة عنصرية أخرى مثل جنوب أفريقيا، آيلة إلى الفناء مثلها مثل أية دولة استعمارية أخرى.  وقد وجد طرحهم هذا سبلاً إلى داخل النُخَب وصانعي القرارات، وفي الأوساط الأكاديمية والإعلام والحركات الدينية (هناك الكثير من المتدينيين الأميركيين أكثر من الإنجيليين)، والمنظمات غير الحكومية والاتحادات المهنية وغيرها. وقد أثَّرَت، ضمن آخرين، على العديد من اليهود الشباب وساعدت على إبعادهم عن إسرائيل وعن يهوديتهم.

الإثباتات الرئيسية بالنسبة إلى هذه الجماهير هي بالذات المستعمرات واحتلال إسرائيل المستمر للمدنيين الفلسطينيين.  مقارنة بهؤلاء فإن كفاح إسرائيل ضد أعدائها الذين يريدون إبادتها يجري تحجيمه إلى حد بعيد وإلقاء ظلال الشك على حقيقته.

نسمع أحياناً احتجاجات حول فشل علاقات إسرائيل العامة لمجابهة هذه الحملة طويلة الأمد لتدميرنا.  ما الذي حدث لمنطقنا؟ نستطيع أن نبرر موضوع دفاعنا عن نفسنا بشكل مقنع، دون اعتذار، على أنه تأكيد على حق إنساني طبيعي.  ولكن عندما نحاول تبرير الضمّ فإننا نخسر اللعبة حتى قبل أن تبدأ.

ليس هذا فقط، فمن خلال جعل علاقاتنا العامة ترتكز على قضية المستوطنات فإننا نؤذي بشكل شديد قضيتنا بالدفاع عن النفس.  ويولّد هذا ضغطاً سياسياً دولياً يربط أيدينا ويشل قدرتنا على محاربة الإرهاب بفعالية.

يا له من سلاح مرتد! المستعمرات نعمة وعطيّة لأعدائنا ونقمة مؤذية لنا.

ولكن ألا يعرّض ترك المستعمرات بقية إسرائيل إلى قصف صاروخي كالذي تتعرض له سديروت؟  يمكن الحد من ذلك إلى درجة بعيدة من خلال انسحاب متفاوض عليه مع شروط أمنية مناسبة، بما فيها المراقبة ومعالم وتفاهمات حول أسباب الحرب وضمانات دولية.

ولكن يجب أن تكون واهماً إذا تصورت أن ذلك سوف يزيل جميع المخاطر.  هناك حاجة قوية دون شك لقدرة شديدة على الدفاع عن النفس ولفترة طويلة، يدعمها مناخ دولي يساند استخدامنا لها عند الضرورة.

ما الذي يخدم مصالح إسرائيل على المدى البعيد؟  أهي حتمية تزايد عزلة إسرائيل وسحب الشرعية عنها كثمن لا مناص منه للإبقاء على المستوطنات، أو مخاطر التوصل إلى صفقة مع السلطة الفلسطينية تدعمها ترتيبات أمنية على الأرض وضمانات دولية متنوعة؟  ذلك هو الحوار الوطني الحقيقي الذي نحتاجه.

إضافة إلى ذلك، فإن الطعم المضاد للإرهاب الفلسطيني هو التنمية الاقتصادية الفلسطينية، وهي أمر لا يمكن أن يحدث ونحن نبقي أكثر من 500 حاجز ونقطة تفتيش على طرق الضفة الغربية، معظمها مصمم لحماية المستوطنات بدلاً من وقف الإرهاب الموجّه نحو إسرائيل.

يتعلق هذا النقاش بشكل مباشر باعتبارات إستراتيجية أساسية حيث أنه يشكّل ما يجب التعامل معه في الوقت الحاضر. إلا أن هناك بُعدا أخلاقيا كذلك. منذ عام 1948 لم تعد عدم القدرة على الدفاع أو انعدام القدرة، نماذج مقبولة للوجود الجماعي اليهودي.  ولكن ما هو غير مقبول كذلك هو القوة المستخدمة ببراعة وكفاءة ولكن دون أخلاقيات. وهذا أمر لصالحنا بالدرجة الأولى،  بسبب ما يُطلب منا أن نكون، وبسبب النتائج المرعبة بتجاهل ذلك.  لا مجال للتفاوض على تصميمنا الذاتي، ولكن يجب تطبيقه دون إزاحة جيراننا.

أرض إسرائيل حاسمة بالنسبة لنا.  ولكنها ما زالت وسيلة نحو غاية.  الغاية هي تحرير الشعب اليهودي من حالة إنسانية لا يمكن تحملها وإيجاد مجتمع عادل لهم.  إذا قمنا بتدنيس هذه الأرض بسلوك لا أخلاقي – كما حذر أنبياؤنا – فإن ذلك بالتأكيد سوف يلقي بنا إلى الخارج.  ليست قدسية أرضنا متأصلة في جوهرنا وإنما تمنحها أعمالنا الأخلاقية.  السيطرة على الخليل أقل أهمية لنا بكثير من التعامل بعدالة مع الأرملة واليتيم وغريب الدار.

###

*شيلدون شريتر رجل أعمال مقيم في رعنانا، وهو أصلاً من مونتريال، هاجر إلى إسرائيل عام 1976. تقوم خدمة Ground Common الإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org . 

مصدر المقال: الجيروساليم بوست Jerusalem Post، 6 شباط/فبراير 2008 www.jpost.com

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.